الزكاة مالٌ مقدرٌ فرضه الله حقًا للفقراء،
وهي ثالث أركان الإسلام، وفريضة من فرائضه العظام، أمر الله بها في كتابه الكريم، وحث عليها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة،
وقرنها الله -عز وجل- بالصلاة في أكثر من ثمانين موضعًا، وأجمع العلماء على وجوبها وفرضيتها.
ومما يدل على أهمية الزكاة: أن وجوبها ثابتٌ بالقرآن، والسنة، والإجماع، ومما جاء في ذلك:
- قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) (التوبة 103 ).
-وقوله -صلى الله عليه وسلم- حين بعث معاذًا -رضي الله عنه- إلى اليمن:
(أخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) (أخرجه البخاري ومسلم).
-ومما يؤكد أهميتها أيضًا فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث كان يرسل السعاة لجباية الزكاة من الناس، وكذلك خلفاؤه من بعده.
فوائد وثمار الزكاة:
أولًا: أنها قيام بركن من أركان الإسلام ، الذي عليه مدار سعادة العبد في دنياه وأخراه.
ثانيًا: أن الله يمحو بها الخطايا، ويتجاوز بسببها عن الزلات، كما جاء في الحديث: (الصدقة تطفئ الخطيئة) (أخرجه ابن حبان في صحيحه).
ثالثًا: أنه يترتب عليها أجرٌ عظيم، وثوابٌ جزيل، قال الله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة 276)،
وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه،
ثم يربيها لصاحبه، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل ) (أخرجه البخاري).
رابعًا: أنها تطهر النفس من الشح والبخل ،
وسيطرة حب المال على الإنسان، ولذلك قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) (التوبة 103 ).
خامسًا: أنها تبني لدى الإنسان صفة الرحمة بالضعفاء، وتعزز فيه خلق العطف على المعوزين، وتجعله يشعر بمشاعرهم.
سادسًا: أنها تجلب السعادة للمعطي والآخذ،
وذلك أن المعطي للزكاة، حين إعطاءه للزكاة، وبذله لها للمحتاجين، يشعر بمشاعر الإنجاز والعطاء للآخرين،
فتأتيه السعادة، وأما الآخذ: فيشعر بالسعادة، لكون هذه الزكاة تسد خلته، وتساهم في معالجة حاجته.
سابعًا: أنها تحقق التكافل بين أبناء المجتمع المسلم ،
وذلك لأن البشر متفاوتون في قدرتهم على تحصيل الرزق، كما قال تعالى: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ۚ) (النحل 71)،
وبوجود فريضة الزكاة –التي هي إعطاء للفقير من مال الغني– يتحقق الكفاف للفقير،
ويقل الفارق بينهما، فالزكاة وسيلة مثالية لتحقيق معنى التعاون بين المسلمين.
ثامنًا: أنها تحصن المال، وتصونه من تطلع الأعداء، وامتداد أيدي الآثمين والمجرمين.
تاسعًا: أنها تساعد في زيادة الحركة الاقتصادية للمجتمع، وذلك لأن الزكاة فيها إلزام بدفع جزء من المال،
لصالح الفقراء والمحتاجين، الذين سيستعملون هذا المال مباشرة لقضاء حوائجهم،
مما يعني دخول هذا الجزء من المال في دورة المال مباشرة، فيستفيد عموم المجتمع بهذه الحركة.
لأصل في وجوب الزكاة قبل الإجماع أدلة من الكتاب والسنة،
وردت في مواضع متعددة، فهي مفروضة بإجماع المسلمين، بنصوص الكتاب؛ لأنه مصدر الأحكام، وبالسنة النبوية؛ لأنها بيان للكتاب،
وبدليل الإجماع بمعنى: اتفاق علماء الشرع على فرض الزكاة، وأن ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة من فرضها مجمع عليه.
والدليل على فرض الزكاة الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، بمعنى: أن إيتاء الزكاة عون للضعيف،
وإقدار العاجز وتقويته على أداء ما افترض الله عز وجل عليه من التوحيد والعبادات والوسيلة إلى المفروض مفروض،
كما أن إيتاء الزكاة شكر لنعمة الله، وشكر النعمة واجب.